كاتب تونسي : لماذا تتودّد أمريكا للحوثيين بعد رسالة القسّام الأخيرة لنتنياهو؟
عتمه برس 29/1/2024
مرة أخرى وقعت الولايات المتحدة الأمريكية في مصيدة وشباك الحوثيين عندما استهدفت جماعةُ أنصار الله البارجات الحربية الأمريكية وكل السفن التي تتصل بإسرائيل من قريب أو بعيد، وكما كانت أمريكا ذات يوم تتودّد لأنصار الله لتهدئة الأوضاع في المنطقة وعدم تصعيدها خوفا من المواجهة المباشرة بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ها هي اليوم تفعل الأمر نفسه ومع الجماعة نفسها بعد أن اختبرتها ووجدتها عصية على الطاعة والاستسلام، وبعد أن تبين لها أن الحوثيين ليسوا من النوع الناعم الذي تظنه، فهم يرفعون شعارات التحدي والقتال ضد العدوان الأمريكي والجبروت الصهيوني بلا خوف ولا وجل، فليس لديهم ما يخسرونه في هذه الحياة، وليس أمامهم سوى المواجهة ورفع السلاح إذا استمرت أمريكا في ممارسة لغة القوة والاستكبار.
ها هي أمريكا اليوم تُرسل وليام بيريز المدير العام لسي أي ايه على عجل ليقابل رئيس الوزراء القطري في أوروبا ويطرح عليه جملة من المقترحات لتخفيف التوتر بينها وبين الحوثيين وما يجري في البحر الأحمر وباب المندب، وقد تتطور الأمور إذا لم تتجه إلى الحل السلمي وتصل إلى مضيق هرمز وربما إلى سواحل أخرى، وقد تبين من خلال بيانات القوات المسلحة التابعة للحوثيين أنهم ماضون في أعمالهم المعادية لإسرائيل حتى تتوقف الحرب على غزة، بل إنهم يوقفون السفن الأمريكية أيضا لدعمها المفرط لإسرائيل بلا مبرر وبمبالغة شديدة مما يضع علامات استفهام كبيرة حول دورها العالمي وقيادتها العدالة الاجتماعية العالمية، في حين أن أعمالها الإجرامية في غزة وغيرها بينت لهم وجهها القبيح.
وعلى هذا كانت أمريكا ولا تزال خائفة من التورط في حرب مباشرة مع الحوثيين في المنطقة بعد أن جرّبت بأسهم وقوّتهم واستعدادهم للثبات في المواجهة رغم الضربات الاستباقية التي قامت بها أمريكا في الأيام الماضية وقالت إنها تعتقد بأنها وجّهت ضربات موجعة ومؤلمة للحوثيين حتى يرتدعوا، لكن الحقيقة تبدو غير ذلك، فلقد أثبتت أن الضربات الأمريكية لم تكن ناجعة البتة ولم تُحدث فارقا رغم أنها أحدثت أضرارا، بل ازداد الحوثيون استماتة وثباتا وأعلنوا مرارا وتكرارا أنهم مستمرون في إيقاف السفن الأمريكية والإسرائيلية وحتى البريطانية المتجهة من وإلى إسرائيل ما دامت الحرب في غزة قائمة.
ومن المعلوم أن أمريكا تتعامل مع كل القضايا العالمية بازدواجية مفرطة، فراحت اليوم تتواصل مع من كانت تتهمها ذات يوم بأنها دولة خطيرة أخطر من روسيا التي تحارب في أوكرانيا، والتقى وزير أمنها القومي بوزير خارجية الصين الدولة التي تتعامل معها بحذر شديد للملفات الساخنة التي لم تبرد بعدُ، وتتواصل مع كل طرف لتهدئة الأوضاع خوفا من تصعيدها، وبعد الحادث الأخير في البحر الأحمر وبعد استهداف ناقلة نفط بدأت كل الدول الكبرى التي كانت تهدد الحوثيين تبحث عن وسائل إغراء من جهة ووسائل تهديد من جهة ثانية ووسائل تمويه من جهة ثالثة حتى تخرج أمريكا وإسرائيل من عنق الزجاجة.
فالوقت ليس في صالح أمريكا التي تستعد لانتخابات رئاسية في نوفمبر المقبل، وكذلك ليس في صالح إسرائيل التي تتخبط خبط شعواء بجميع أجهزتها الأمنية والعسكرية والاستخباراتية وحتى السياسية والشعبية بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي، والحرب المدمرة التي أقدمت عليها إسرائيل فأهلكت الحرث والنسل وقضت على كل مقومات الحياة بل قطعت كل اتصال بالحياة، لتجعل الفلسطينيين كأنهم يعيشون في كوكب آخر غير كوكب الأرض، لقد بدأت أمريكا تستشعر الخطر فراحت تبحث عن فوهات تنفذ من خلالها إلى عالم آخر غير العالم الذي تسير فيه حتى تجد منفذا تصل به إلى الرهائن وهو هدفها الأول والأخير في هذه الحرب الشرسة على غزة.
لكن رسالة القسّام التحذيرية الأخيرة للشعب الصهيوني من أن إسرائيل قد تُقدم على قتل الرهائن جميعا تحت القصف المتهور، قد تُغيّر وجه أمريكا وإسرائيل وتجعلهما يعيشان في توتر كبير وخوف من فقدان حياة الرهائن جميعا وفي أي وقت، ومن ثم تكون أمريكا قد خسرت الرهان، وتكون إسرائيل قد خسرت الحرب قبل أن تضع أوزارها، وعلى هذا سوف تعمل أمريكا بجدية أكثر خلال الأيام القادمة للتواصل مع قطر ومصر أملا في الحصول على صفقة أو اتفاق يجعلها تحصل على أخف الضررين كما يقال وهو إطلاق سراح الرهائن جميعا، أما نتنياهو فيبدو أنه مازال يعيش الوهم ويراهن على رجوع دونالد ترامب للسلطة لذلك هو يطيل أمد الحرب ليطيل أمد بقائه في السلطة ضاربا كل مطالبات شعبه والعالم عرض الحائط، فما هو يا ترى السيناريو المحتمل خلال الأيام القادمة بعد أن فصلت محكمة العدل الدولية في دعوى دولة جنوب افريقيا؟
*فوزي بن يونس بن حديد
كاتب تونسي
عتمه برس 29/1/2024
مرة أخرى وقعت الولايات المتحدة الأمريكية في مصيدة وشباك الحوثيين عندما استهدفت جماعةُ أنصار الله البارجات الحربية الأمريكية وكل السفن التي تتصل بإسرائيل من قريب أو بعيد، وكما كانت أمريكا ذات يوم تتودّد لأنصار الله لتهدئة الأوضاع في المنطقة وعدم تصعيدها خوفا من المواجهة المباشرة بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ها هي اليوم تفعل الأمر نفسه ومع الجماعة نفسها بعد أن اختبرتها ووجدتها عصية على الطاعة والاستسلام، وبعد أن تبين لها أن الحوثيين ليسوا من النوع الناعم الذي تظنه، فهم يرفعون شعارات التحدي والقتال ضد العدوان الأمريكي والجبروت الصهيوني بلا خوف ولا وجل، فليس لديهم ما يخسرونه في هذه الحياة، وليس أمامهم سوى المواجهة ورفع السلاح إذا استمرت أمريكا في ممارسة لغة القوة والاستكبار.
ها هي أمريكا اليوم تُرسل وليام بيريز المدير العام لسي أي ايه على عجل ليقابل رئيس الوزراء القطري في أوروبا ويطرح عليه جملة من المقترحات لتخفيف التوتر بينها وبين الحوثيين وما يجري في البحر الأحمر وباب المندب، وقد تتطور الأمور إذا لم تتجه إلى الحل السلمي وتصل إلى مضيق هرمز وربما إلى سواحل أخرى، وقد تبين من خلال بيانات القوات المسلحة التابعة للحوثيين أنهم ماضون في أعمالهم المعادية لإسرائيل حتى تتوقف الحرب على غزة، بل إنهم يوقفون السفن الأمريكية أيضا لدعمها المفرط لإسرائيل بلا مبرر وبمبالغة شديدة مما يضع علامات استفهام كبيرة حول دورها العالمي وقيادتها العدالة الاجتماعية العالمية، في حين أن أعمالها الإجرامية في غزة وغيرها بينت لهم وجهها القبيح.
وعلى هذا كانت أمريكا ولا تزال خائفة من التورط في حرب مباشرة مع الحوثيين في المنطقة بعد أن جرّبت بأسهم وقوّتهم واستعدادهم للثبات في المواجهة رغم الضربات الاستباقية التي قامت بها أمريكا في الأيام الماضية وقالت إنها تعتقد بأنها وجّهت ضربات موجعة ومؤلمة للحوثيين حتى يرتدعوا، لكن الحقيقة تبدو غير ذلك، فلقد أثبتت أن الضربات الأمريكية لم تكن ناجعة البتة ولم تُحدث فارقا رغم أنها أحدثت أضرارا، بل ازداد الحوثيون استماتة وثباتا وأعلنوا مرارا وتكرارا أنهم مستمرون في إيقاف السفن الأمريكية والإسرائيلية وحتى البريطانية المتجهة من وإلى إسرائيل ما دامت الحرب في غزة قائمة.
ومن المعلوم أن أمريكا تتعامل مع كل القضايا العالمية بازدواجية مفرطة، فراحت اليوم تتواصل مع من كانت تتهمها ذات يوم بأنها دولة خطيرة أخطر من روسيا التي تحارب في أوكرانيا، والتقى وزير أمنها القومي بوزير خارجية الصين الدولة التي تتعامل معها بحذر شديد للملفات الساخنة التي لم تبرد بعدُ، وتتواصل مع كل طرف لتهدئة الأوضاع خوفا من تصعيدها، وبعد الحادث الأخير في البحر الأحمر وبعد استهداف ناقلة نفط بدأت كل الدول الكبرى التي كانت تهدد الحوثيين تبحث عن وسائل إغراء من جهة ووسائل تهديد من جهة ثانية ووسائل تمويه من جهة ثالثة حتى تخرج أمريكا وإسرائيل من عنق الزجاجة.
فالوقت ليس في صالح أمريكا التي تستعد لانتخابات رئاسية في نوفمبر المقبل، وكذلك ليس في صالح إسرائيل التي تتخبط خبط شعواء بجميع أجهزتها الأمنية والعسكرية والاستخباراتية وحتى السياسية والشعبية بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي، والحرب المدمرة التي أقدمت عليها إسرائيل فأهلكت الحرث والنسل وقضت على كل مقومات الحياة بل قطعت كل اتصال بالحياة، لتجعل الفلسطينيين كأنهم يعيشون في كوكب آخر غير كوكب الأرض، لقد بدأت أمريكا تستشعر الخطر فراحت تبحث عن فوهات تنفذ من خلالها إلى عالم آخر غير العالم الذي تسير فيه حتى تجد منفذا تصل به إلى الرهائن وهو هدفها الأول والأخير في هذه الحرب الشرسة على غزة.
لكن رسالة القسّام التحذيرية الأخيرة للشعب الصهيوني من أن إسرائيل قد تُقدم على قتل الرهائن جميعا تحت القصف المتهور، قد تُغيّر وجه أمريكا وإسرائيل وتجعلهما يعيشان في توتر كبير وخوف من فقدان حياة الرهائن جميعا وفي أي وقت، ومن ثم تكون أمريكا قد خسرت الرهان، وتكون إسرائيل قد خسرت الحرب قبل أن تضع أوزارها، وعلى هذا سوف تعمل أمريكا بجدية أكثر خلال الأيام القادمة للتواصل مع قطر ومصر أملا في الحصول على صفقة أو اتفاق يجعلها تحصل على أخف الضررين كما يقال وهو إطلاق سراح الرهائن جميعا، أما نتنياهو فيبدو أنه مازال يعيش الوهم ويراهن على رجوع دونالد ترامب للسلطة لذلك هو يطيل أمد الحرب ليطيل أمد بقائه في السلطة ضاربا كل مطالبات شعبه والعالم عرض الحائط، فما هو يا ترى السيناريو المحتمل خلال الأيام القادمة بعد أن فصلت محكمة العدل الدولية في دعوى دولة جنوب افريقيا؟
*فوزي بن يونس بن حديد
كاتب تونسي