الأسطولُ الخامس يعترف: صواريخُ اليمن تهديد مُميت
ذمار نيوز| عبدالحميد الغرباني
خطوةً خطوةً، زحف الأمريكيُّ نحوَ قول الحقيقة تجاه عمليات اليمن في البحر الأحمر بعد مرحلة من التظاهر بالبطولة وَالإعلانات المُتكرّرة عن عمليات الاعتراض لصواريخ اليمن ومُسيّراته.
شبكةُ “CBS” الأمريكية تَبُثُّ مُقتطفات مُتلفزة لقائدِ الأسطول الخامس الأمريكي، جاء فيها الإقرارُ أن “صواريخَ ومسيَّراتِ اليمنِ يمكن أن تضربَ هدفَها خلال 75 ثانيةً بمُجَـرّد إطلاقِها”.
وَفي المقابل “القواتُ الأمريكية لا تملكُ سوى ثوانٍ معدودة لاتِّخاذ قرارٍ بالتصدي للصواريخ والمسيّرات اليمنية”، وفي حديث قائد الأسطول الخامس ما يُعبِّرُ عن الذهول: “نخوضُ صراعاً فريداً من نوعه، عمليتُنا المكثّـفة بالبحر الأحمر منذ شهرين هي الأطولُ منذ الحرب العالمية الثانية تحت مِظلة خصمٍ على أَسَاس ثابت”، وفيها ما يعكس حجمَ وعُمقَ الصدمة الأمريكية “لم يسبق لأحد أن استهدف السفنَ الأمريكية بصواريخَ باليستية مضادة للسفن”.
اليمن فعل ذلك وسبق الجميع، بات ذلك معروفًا للعالم، لكن ما أبعاد ودلالات الإقرار الأمريكي بالمُتغير وماذا يعني وتساؤلات أُخرى تُجيب عليها هذه القراءة التحليلية:
الأسطولُ الأمريكي الخامس قلقٌ من القوة الصاروخية اليمنية.. اقتناصُ الأهداف.. السرعةُ في تحقيق ذلك وضآلةُ احتمال الاستجابة للهجوم أَو التصدي له مركزُ ذعر البحرية الأمريكية.. الفترةُ الزمنية بينَ بدء الهجوم الباليستي ومحاولة التصدي له «مدةٌ قاتلة» تضعُ قوتِ العدوّ أمام مأزِقٍ.. فُرَصُ الضربات القاتلة أكثرُ من محاولات النجاة، لكن المخاوفَ الأمريكية لا تقفُ عند ما هو حاصلٌ أَو مُستنتَجٌ، بل ترتبطُ أَيْـضاً بسؤال: ماذا بعد؟ ماذا يُخبِّئُ اليمنيُّ في جُعبته؟ وهذا السؤال فرضته على الأمريكي عملياتُ اليمن في البحر، وخَاصَّةً ما صُوِّبَ منها نحوَ السفن الأمريكية، وَكذلك مُعطى اكتفاء القوات المُسلحة بالإشارةِ إلى نوعيةِ السلاح المستخدَم في غيرِ عمليةٍ بالصواريخ المُناسبة، ومُعطىً آخرُ أشار إليه السيدُ قائد الثورة في خطاب الثامنِ عشرَ من يناير: “الأمريكي يعرفُ اختلافَ نوعية السلاح الذي استُهدفت به سفينةُ الأمس”، والسفينة المقصودة هي الأمريكية (جينكو بيكاردي) المُستهدَفةُ في خليج عدن، وَفي مضامين هذا الخطاب أكثرُ من رسالة بثها السيدُ القائد، إزاء معادلات المواجهة المحتدمة ونتائجها على أكثرَ من مستوىً، في ضوء تعظيم اليمن قدراتِه الصاروخيةَ مدىً ودقةً وَنوعيةً.
ونوعيةُ السلاح هي الأهمُّ، ولربما كان جديدُ البحرية اليمنية ما تعنيه تصريحاتُ قائد الأسطول الأمريكي، وبمعزلٍ عن دقة ذلك من عدمِه هي في كُـلّ الأحوال تعكسُ إقراراً مُباشراً بحجمِ التحوّل الطارئ على معادلة القوة من جهة، واعترافاً ضمنياً بالإخفاق الأمريكي في عرقلة أَو حتى كبحِ جماح تطوير اليمن قدراتِه من الصواريخ البالستية والمُجنَّحة والموصوفة بالمُناسبة وَسلاح الجو المُسيّر؛ باعتبارها ثمرةَ الصمود اليمني والإنجاز الاستراتيجي الوطني في سنوات العدوان التسع، بعبارةٍ أُخرى لم تنجح أمريكا وأجهزتُها الاستخبارية في قراءة وَتقدير المدى الذي يمكن أن يبلغَه اليمنُ، ولا في اكتشاف الخطط المُنفَّذة، رغم أن ذلك كان في صُلب اهتمامات الـ “سي آي أيه”، وغيرِها من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإقليمية؛ بمعنى أن الحَصانةَ الاستخباريةَ اليمنية المفروضة على مسار تطوير القدرات الصاروخية والمُسيّرة إبداعٌ آخرُ في مواجهة التفوُّقِ التكنولوجي وَالعسكري للعدوّ، في ظلّ ما يتمتّعُ به من تحالُفاتٍ إقليمية ودولية توفّرُ له الدعمَ الاستخباري والعملياتي لاستهداف اليمن.
ومن هنا يُمكن الجزمُ بأن المخاوفَ المُهيمنةَ على البحرية الأمريكية ترتبطُ بمُستقبل تطوّر قدرات اليمن، وأن الهاجسَ الشاغلَ للعدو هو سُبُلُ الحؤولِ دون مزيدٍ من التقدم اليمني في هذا المجال؟ واليمنُ في مقابل ذلك ماضٍ في تضليلِ العدوّ وأجهزته الاستخبارية على المستوى الاستراتيجي والعملياتي وَالتكتيكي.
اليمن لم يكن لينجحَ في كُـلّ هذه الإنجازات لولا انطلاقُه من رؤية عميقة ودقيقة واجهت استراتيجيةَ الهيمنة والوصاية الأجنبية والعدوان باستراتيجية مُضادة؛ أيْ عملية بناء وَتطوير للقدرات الصاروخية وَالعسكرية في مواجهة منظومة من الأعداء متفوّقين كمًّا ونوعًا، وتشكِّلُ تهديداً استراتيجياً ووجودياً للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة، وليس اليمن فحسب.
كما أن مروحةَ البناء لم تكُنْ لتتحقّقَ لولا دقّةُ أولويات القيادة وتوفيرُ المِظلّة التي تطلُبُها عمليةُ تطوير القدرات الدفاعية والردعية.
ذمار نيوز| عبدالحميد الغرباني
خطوةً خطوةً، زحف الأمريكيُّ نحوَ قول الحقيقة تجاه عمليات اليمن في البحر الأحمر بعد مرحلة من التظاهر بالبطولة وَالإعلانات المُتكرّرة عن عمليات الاعتراض لصواريخ اليمن ومُسيّراته.
شبكةُ “CBS” الأمريكية تَبُثُّ مُقتطفات مُتلفزة لقائدِ الأسطول الخامس الأمريكي، جاء فيها الإقرارُ أن “صواريخَ ومسيَّراتِ اليمنِ يمكن أن تضربَ هدفَها خلال 75 ثانيةً بمُجَـرّد إطلاقِها”.
وَفي المقابل “القواتُ الأمريكية لا تملكُ سوى ثوانٍ معدودة لاتِّخاذ قرارٍ بالتصدي للصواريخ والمسيّرات اليمنية”، وفي حديث قائد الأسطول الخامس ما يُعبِّرُ عن الذهول: “نخوضُ صراعاً فريداً من نوعه، عمليتُنا المكثّـفة بالبحر الأحمر منذ شهرين هي الأطولُ منذ الحرب العالمية الثانية تحت مِظلة خصمٍ على أَسَاس ثابت”، وفيها ما يعكس حجمَ وعُمقَ الصدمة الأمريكية “لم يسبق لأحد أن استهدف السفنَ الأمريكية بصواريخَ باليستية مضادة للسفن”.
اليمن فعل ذلك وسبق الجميع، بات ذلك معروفًا للعالم، لكن ما أبعاد ودلالات الإقرار الأمريكي بالمُتغير وماذا يعني وتساؤلات أُخرى تُجيب عليها هذه القراءة التحليلية:
الأسطولُ الأمريكي الخامس قلقٌ من القوة الصاروخية اليمنية.. اقتناصُ الأهداف.. السرعةُ في تحقيق ذلك وضآلةُ احتمال الاستجابة للهجوم أَو التصدي له مركزُ ذعر البحرية الأمريكية.. الفترةُ الزمنية بينَ بدء الهجوم الباليستي ومحاولة التصدي له «مدةٌ قاتلة» تضعُ قوتِ العدوّ أمام مأزِقٍ.. فُرَصُ الضربات القاتلة أكثرُ من محاولات النجاة، لكن المخاوفَ الأمريكية لا تقفُ عند ما هو حاصلٌ أَو مُستنتَجٌ، بل ترتبطُ أَيْـضاً بسؤال: ماذا بعد؟ ماذا يُخبِّئُ اليمنيُّ في جُعبته؟ وهذا السؤال فرضته على الأمريكي عملياتُ اليمن في البحر، وخَاصَّةً ما صُوِّبَ منها نحوَ السفن الأمريكية، وَكذلك مُعطى اكتفاء القوات المُسلحة بالإشارةِ إلى نوعيةِ السلاح المستخدَم في غيرِ عمليةٍ بالصواريخ المُناسبة، ومُعطىً آخرُ أشار إليه السيدُ قائد الثورة في خطاب الثامنِ عشرَ من يناير: “الأمريكي يعرفُ اختلافَ نوعية السلاح الذي استُهدفت به سفينةُ الأمس”، والسفينة المقصودة هي الأمريكية (جينكو بيكاردي) المُستهدَفةُ في خليج عدن، وَفي مضامين هذا الخطاب أكثرُ من رسالة بثها السيدُ القائد، إزاء معادلات المواجهة المحتدمة ونتائجها على أكثرَ من مستوىً، في ضوء تعظيم اليمن قدراتِه الصاروخيةَ مدىً ودقةً وَنوعيةً.
ونوعيةُ السلاح هي الأهمُّ، ولربما كان جديدُ البحرية اليمنية ما تعنيه تصريحاتُ قائد الأسطول الأمريكي، وبمعزلٍ عن دقة ذلك من عدمِه هي في كُـلّ الأحوال تعكسُ إقراراً مُباشراً بحجمِ التحوّل الطارئ على معادلة القوة من جهة، واعترافاً ضمنياً بالإخفاق الأمريكي في عرقلة أَو حتى كبحِ جماح تطوير اليمن قدراتِه من الصواريخ البالستية والمُجنَّحة والموصوفة بالمُناسبة وَسلاح الجو المُسيّر؛ باعتبارها ثمرةَ الصمود اليمني والإنجاز الاستراتيجي الوطني في سنوات العدوان التسع، بعبارةٍ أُخرى لم تنجح أمريكا وأجهزتُها الاستخبارية في قراءة وَتقدير المدى الذي يمكن أن يبلغَه اليمنُ، ولا في اكتشاف الخطط المُنفَّذة، رغم أن ذلك كان في صُلب اهتمامات الـ “سي آي أيه”، وغيرِها من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإقليمية؛ بمعنى أن الحَصانةَ الاستخباريةَ اليمنية المفروضة على مسار تطوير القدرات الصاروخية والمُسيّرة إبداعٌ آخرُ في مواجهة التفوُّقِ التكنولوجي وَالعسكري للعدوّ، في ظلّ ما يتمتّعُ به من تحالُفاتٍ إقليمية ودولية توفّرُ له الدعمَ الاستخباري والعملياتي لاستهداف اليمن.
ومن هنا يُمكن الجزمُ بأن المخاوفَ المُهيمنةَ على البحرية الأمريكية ترتبطُ بمُستقبل تطوّر قدرات اليمن، وأن الهاجسَ الشاغلَ للعدو هو سُبُلُ الحؤولِ دون مزيدٍ من التقدم اليمني في هذا المجال؟ واليمنُ في مقابل ذلك ماضٍ في تضليلِ العدوّ وأجهزته الاستخبارية على المستوى الاستراتيجي والعملياتي وَالتكتيكي.
اليمن لم يكن لينجحَ في كُـلّ هذه الإنجازات لولا انطلاقُه من رؤية عميقة ودقيقة واجهت استراتيجيةَ الهيمنة والوصاية الأجنبية والعدوان باستراتيجية مُضادة؛ أيْ عملية بناء وَتطوير للقدرات الصاروخية وَالعسكرية في مواجهة منظومة من الأعداء متفوّقين كمًّا ونوعًا، وتشكِّلُ تهديداً استراتيجياً ووجودياً للأُمَّـة كُـلّ الأُمَّــة، وليس اليمن فحسب.
كما أن مروحةَ البناء لم تكُنْ لتتحقّقَ لولا دقّةُ أولويات القيادة وتوفيرُ المِظلّة التي تطلُبُها عمليةُ تطوير القدرات الدفاعية والردعية.