عطوان: أمريكا تفعّل اليوم قرارها بوضع اليمن على قائمة الإرهاب.. كيف احتفل اليمن بهذه “الخطوة المشرفة” ورد على عرب “الجسر البري” الى حيفا؟ ومن الذي سيضحك أخيرا وكثيرا؟

عطوان: أمريكا تفعّل اليوم قرارها بوضع اليمن على قائمة الإرهاب.. كيف احتفل اليمن بهذه “الخطوة المشرفة” ورد على عرب “الجسر البري” الى حيفا؟ ومن الذي سيضحك أخيرا وكثيرا؟

عتمة برس ٧ شعبان 

عبد الباري عطوان

إحتفل اليمنيون امس واليوم بالإعلان الأمريكي “بتفعيل” قرار وضع بلادهم على قائمة الإرهاب بقصف ناقلة نفط بريطانية كانت في طريقها الى حيفا، عبر قناة السويس، تمسكا بموقفهم الصلب بدعم اشقائهم الذين يواجهون التجويع وحرب الإبادة في قطاع غزة.

السيد مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى لحركة “انصار الله” اكد في الكلمة التي القاها في مظاهرات مليونية في مختلف انحاء اليمن يوم امس الجمعة “ان الحركة لن تتراجع عن موقفها في نصرة قطاع غزة، وأهله، مهما كانت التحديات والنتائج، ويأتي هذا الموقف من منطلق أخلاقي، وايماني، وقيمي، لن نتراجع عنه، ومن يعتدي على بلادنا سيتواجه بالرد مهما كانت النتائج”.

***

عندما سألنا أحد المسؤولين اليمنيين في حكومة صنعاء عن ردة فعله الأولى على هذا القرار الأمريكي بوضع بلاده على قائمة الإرهاب، قال ساخرا “ان هذا الموقف الأمريكي أتفه من ان ننشغل بالرد عليه، تماما مثلما تجاهلناه في المرة الأولى قبل بضعة أعوام، واضطرت الإدارة الامريكية الى الغائه خوفا ورعبا، فأمريكا التي ترتكب حرب إبادة في قطاع غزة أدت الى استشهاد اكثر من 29 الفا، وإصابة مئة الف آخرين هي الإرهاب في حد ذاته، ونحن ربما نكون الوحيدين في العالمين العربي والإسلامي الذين نحاربها وجها لوجه، ونثأر لأشقائنا في قطاع غزة، والأيام القادمة ستكون حافلة بالمفاجآت”.

ما قاله هذا المسؤول الذي تمنى علينا ان لا نذكر اسمه ليس جبنا، وانما لانه يبتعد عن الظهور الإعلامي، يلخص مشاعر كل أبناء الشعب اليمني تقريبا، فقد يختلف اليمنيون على أشياء كثيرة، داخليه خارجية، ولكن عندما يتعلق الأمر بقضية فلسطين، والعدوان الإسرائيلي الامريكي المشترك على غزة فانهم يقفون في خندق واحد في مواجهة هذا العدوان، ويضعون كل خلافاتهم جانبا.

اليمنيون الخارجون من حرب دموية استمرت اكثر من ثمانية أعوام ربما هم الوحيدون من بين العرب الذين لا يخافون أمريكا، ولا طائراتها واساطيلها وقواتها، لأن كلمة “الخوف” هذه غير موجودة أساسا في قاموسهم، ولهذا هزموا، وعلى مر التاريخ جميع من إعتدى عليهم دون أي استثناء.

هذه المواجهة التي تجري في البحر الأحمر بين حكومة صنعاء وقواتها البحرية، والتحالف الأمريكي البريطاني الذي يضم ثماني دول أخرى، كلفت الاقتصاد الغربي، والإسرائيلي على رأسه، عشرات، ان لم يكن مئات المليارات من الدولارات، اذا وضعنا في اعتبارنا ان 15 بالمئة من التجارة الدولية و85 بالمئة من التجارة الإسرائيلية تمر عبر هذا البحر، ومضيق باب المندب.

من المؤلم بالنسبة الينا كعرب ومسلمين ان تسارع دول عربية الى إجهاض هذا الإنجاز اليمني الكبير المعمد بالدم والتضحية والكرامة، بإقامة جسر بري يمتد من الهند مرورا بالإمارات والسعودية والأردن، وصولا الى حيفا، لتعويض دولة الاحتلال عن منع سفنها وبضائعها من المرور في مياه البحر الأحمر، الأمر الذي يظهر الفارق الأخلاقي والوطني والقيمي الضخم بين هذه الدول “العربية” المتواطئة مع المجازر وحرب التطهير العرقي في غزة، وبين الشعب اليمني وقيادته التي تقف في خندق أهلنا في قطاع غزة المواجهة لها.

وضع أمريكا لليمن على قائمة الإرهاب سيعطي نتائج عكسية حتما، فجميع الدول، والمنظمات، التي سبقت اليمن بالتشرف بالوضع على هذه القائمة العنصرية الإرهابية الامريكية خرجوا منها منتصرين بتسخيرها وتوظيفها بالاعتماد على النفس، وتصعيد المقاومة، وتطويرها قدراتها الذاتية العسكرية والاقتصادية، ولنا في ايران المثال الأبرز في هذا المضمار.

***

اليمن سينتصر وسيخرج من هذه القائمة الإرهابية مرفوع الرأس مثلما خرج منها في المرة الأولى، وستدفع الولايات المتحدة وحلفاؤها ثمنا باهظا لوقوفهم في خندق العدوان الإسرائيلي على الأشقاء المجوعين المحاصرين في القطاع الصامد المدافع عن كرامة ومقدسات أمه لم تعد تعرف ما معنى الكرامة، وعزة النفس، والسيادة والأباء.

نحمد الله ان هناك شرفاء ومقاتلين شجعان يتسابقون على الشهادة في هذه الامة، وعلى رأسهم أهلنا في اليمن لا يهابون أمريكا والغرب الاستعماري، وليسوا “مضبوعين” من “إسرائيل” مثل الغالبية الساحقة من الحكومات العربية الأخرى، ولهذا سيكون هؤلاء الشرفاء اول المحتفلين بالنصر مع اشقائهم في الضفة وغزة وكل جبهات المقاومة الأخرى في لبنان والعراق وسورية بإذن الله.. والايام بيننا