الشهيد الصماد .. الرئيس الذي عاش هَمّ الوطن فكسب قلوب المواطنين


 الشهيد الصماد .. الرئيس الذي عاش هَمّ الوطن فكسب قلوب المواطنين

لم يرتجِ مالاً أو ثروات إنما ملك بخلقه وثقافته كنوز الدنيا وأموالها
أدرك برؤيته احتياجات الوطن فسقطت أمامه تهويلات العدوان
مد يد السلام المشرف ودعا المتعاونين مع العدوان للقاء على حب الوطن
الشهيد الرئيس صالح علي الصماد.. تشهد له سيرته النضالية دوره الكبير، في تعزيز التلاحم والاصطفاف وتعزيز الصمود الشعبي في مواجهة العدوان، لذلك لم يكن مستغربا أن تتفق كل هذه الجموع وآخرين بأكثر عددا في بقية المحافظات التأكيد على أن دماء الشهيد الصماد وكافة شهداء الوطن لن تسقط بالتقادم وسيثأر الشعب اليمني من كل الطغاة والمجرمين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني وسيدفعون الثمن غاليا عاجلاً أم آجلاً.
وقد دل ذلك الاحتشاد على سيرته العطرة ودماثة خلقه وتواضعه الذي شهد عليه الكثير، لم يرتجِ مالاً أو ثروات، إنما ملك بخلقه وثقافته كنوز الدنيا وأموالها، «يذكرنا بالرجال الأوائل الطيبين من الآباء والأجداد في هذا الوطن الذين يتعاملون مع الآخرين ومع المجتمع بحسن أخلاقهم ونقاء سريرتهم، وحبهم المتفاني، وخدمتهم للوطن من أجل الوطن.
 
المُحب للسلام
في الجلسة الافتتاحية للقاء حكماء وعقلاء اليمن الذي دعا له قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بمشاركة واسعة من مختلف المحافظات وبحضور رسمي ومجتمعي يوم الاثنين ٥ يونيو ٢٠١٧، قال الرئيس الصماد “رسالتنا ثابتة، نحن مع السلام، السلام المشرف الذي يحفظ لليمنيين عزتهم وكرامتهم»، وحينها في كلمته وصف المبعوث الأممي ولد الشيخ وبكل شجاعة بأنه «غير محايد وغير نزيه لا يحمل خبرا ولا خيرا للشعب اليمني غير ماُ يملى عليه في عواصم العدوان”.
في الفعالية المركزية للذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، جدد الشهيد الصماد الدعوة إلى السلام لا من ضعف وإنما من حاجة تفرضها قيم التآخي الإسلامي والجوار.. سلام عادل ومشرف يضمن حرية وكرامة الشعب اليمني، مبديا الاستعداد لتقديم منتهى التفاهمات والتعاطي «مع أي مبادرات تفضي إلى وقف العدوان ورفع الحصار والجلوس على طاولة الحوار للوصول إلى تسوية سياسية تحفظ للشعب اليمني تضحياته وكرامته واستقلاله».
وقال في أكثر من مناسبة: إذا أرادوا السلام فنحن مع السلام كما أسلفنا وكما قلنا لهم سابقا أوقفوا غاراتكم نوقف صواريخنا، ما لم إذا استمرت غاراتكم فلنا الحق في الدفاع عن أنفسنا وبكل الوسائل المتاحة.
يقول رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي أن اليمن خسرت بفقدان الشهيد الصماد شخصاً محباً للسلام وقائداً شجاعاً استطاع خلال فترة بسيطة أن يتعامل مع كل الفرقاء السياسيين وقد نادى للسلام العادل الذي يحفظ كرامة اليمنيين ونحن مع السلام.
خطابات التحفيز
استشعار القوة الذي تمتلكه اليمن واستنهاض مقوماتها في الأمة عكسها الرئيس الصماد للناس منذ اللحظة الأولى لتوليه منصب رئاسة المجلس السياسي الأعلى كما نجد ذلك في حديثه يوم أدائه القسم الجمهوري: “نؤكد أن اليمن دولة مستقلة ذات نظام جمهوري ووطن قومي لكل اليمنيين، يخضعون فيه لحكم النظام والقانون ودولة تسعى لأن تكون علاقاتها الثنائية مع دول الجوار ومحيطها العربي والإسلامي وجميع دول العالم قائمة على أساس الندية والاحترام المتبادل واحترام السيادة والتعاون وتبادل المنافع الاقتصادية وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، لكنها لن تكون ولاية داعشية ولا إمارة سعودية ولا ذات ولاءات شرقية أو غربية بل يمنية خالصة”، «على أساس الندية».. لم نكن في السابق أبدا نخاطب الآخرين بهذه العبارة خشية أن تثير فيهم التوتر، فنحن كما يريدون لا بد أن نبقى تابعين ومسلوبين الإرادة والقرار، بلا حاضر وبلا مستقبل.
التحفيز في اتجاه بناء الدولة القوية لم يكن غائبا عن كثير من خطاباته وكلماته وتوجيهاته، ويتضح من قراءة تلك الخطابات كيف انه كان يحاول وضع بصمة تؤكد على استثنائية اليمني في استبساله وفي طموحه وفي قدرته على صنع الإعجاز في زمن مليء بالتحديات وتكالب المثبطين.
إثارة الحماس في نفوس اليمنيين تَجسَد بدورة في سياقات مختلفة تضمنتها خطاباته، في نوفمبر 2016 يقول الرئيس الصماد في حديث قوي إن «اليمنيين سيدفنون كل من انتهك سيادتهم مهما كانت المبررات عاجلا أم آجلا، وسيأتي اليوم الذي تتحرر فيه كل ذرة من جغرافيا اليمن من آل سعود وحلفائهم وأربابهم الأمريكان».
مشروع بناء الدولة
ثلاثة مقومات رئيسية أعتمد عليها الشهيد الرئيس في تثبيت مشروع بناء الدولة، تمثلت في الاستقلال والخروج من التبعية التي أضرت اليمن طوال العقود الماضية، والمصالحة والاستقرار السياسي من خلال تعزيز الشراكة في إدارة الدولة وثالثا الاعتماد على الذات في تقوية مؤسسات الدولة بمختلف قطاعاتها.

ومن هنا استوعب مشروعه «يد تبني ويد تحمي» أبرز عوامل القوة فتنفيذَه يحتاجُ إلى إرَادَة وقيادة وطنية قوية، وتحققه على ارض الواقع سيمكن البلاد من امتلاك عوامل القوة، بل والمنافسة أيضا بما يُخرج اليمن من مربع الخنوع والضعف والارتخاء والارتجاء لما في يد الآخرين إلى وطن معتمد على نفسه في أنتاج حاجاته، وهذا ما ولّد الخوف لدى قوى الاستعمار القديمة من صحوة هذا الشعب وإرسائه لمداميك بناء دولته اليمنية وفق أسس وطنية شاملة وحديثة والذي سيعني استقلاله بقراره.
كما في الوقت ذاته ومن إيمانه بحاجة اليمن لكل أبنائه المخلصين من اجل بناء الدولة القوية، حرص على دعوة كل اليمنيين إلى الالتفاف حول الوطن وإعطاء قيمته والانتصار لحاضره ومستقبل، وقال «أدعو القوى الوطنية الداخلية المنخرطة مع العدوان إلى الحوار دعوة الحريصين تعالوا لنتحاور كمينين لحل مشاكلنا فأنتم في الأخير مستهدفون فلن يرعى لكم العدوان حرمة ومستعدين للتفاهم ولدينا الشجاعة في طرح مختلف القضايا على طاولة الحوار».
وهو أيضا ما كان قد أكد عليه في سبتمبر من العام 2017 بالاستمرار في مد يد الإخاء لكل من أراد أن يرجع عن غيه من كل أبناء اليمن ممن وقفوا في صف العدوان.. وقال «هذا تأكيد لدعواتنا السابقة والتي نعلم يقينا أن قرارهم بأيدي غيرهم من دول العدوان ولكن تأكيداً منا على ذلك».
الرؤية الوطنية
وفي الـ 23/ أبريل/2019 دشن رئيس المجلس السياسي على مهدي المشاط العمل بالرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، بعد أن أصدر به قرار برقم (82) بتاريخ 20 أبريل 2019م لتعمل عليها كل الوحدات الإدارية في الدولة، والقطاع العام والمختلط.. وحينها قال «إن تطبيق الرؤية في مؤسسات الدولة هو أقل واجب نقوم به تجاه تضحيات أبناء الشعب اليمني في معركة التحرر، تجاه الشهداء العظماء وفي مقدمتهم الرئيس الشهيد صالح الصماد الذي خط هذه الرؤية بأحرفها الأولى بيديه».
واعتمدت الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة على سبعة مبادئ هامة هي: مبادئ الإسلام وتعاليم الشريعة الإسلامية منطلقات الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، الهوية الإيمانية بقيمها الأخلاقية والإنسانية للشعب اليمني الأساس الذي يقوم عليه بناء الدولة اليمنية الحديثة، النظام الجمهوري والالتزام بالدستور والقوانين نهج الدولة اليمنية الحديثة، تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، واحترام الحقوق والحريات من الثوابت الدينية والقيم الوطنية، المحافظة على الأسرة اليمنية وتعزيز مكانتها في المجتمع، التداول السلمي لسلطات الدولة بالانتخابات الحرة والنزيهة التجسيد العملي للنهج الديمقراطي.
هكذا جاء العمل كبيرا بحجم الطموح لدى كل أبناء الوطن، وبحجم التحدي الذي أطلق منه الشهيد الصمادي شعاره فيما البلد تتعرض لعدوان بربري وحصار غاشم، وهكذا الشهيد الرئيس صالح الصماد وعى ضرورة النهوض بالوطن وعدم الاتكاء على الآخرين، خصوصا والأمة الإسلامية عموما محاطة بمؤامرات الأعداء التي لا تريد لها النهوض ولا تريد لها أن تكون.
يقول أمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري “إن أهداف الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية تجسد المشروع الوطني الذي أطلقه الرئيس الشهيد صالح الصماد في تحقيق نهضة شاملة للإنسان اليمني، وبيَّن الحوري أن الرؤية الوطنية لبناء الدولة ارتكزت على أسس تواجه العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية والتربوية والخدمية والسياسة الخارجية والأمن والدفاع والبنية التحتية”.