ماذا حققت أمريكا من التصعيد في البحر الأحمر؟
عتمة برس|| تقاريــر ||
23 يناير 2024مـ -12 رجب 1445هـ
سؤال يدور حول فوضى السلوك الأمريكي منذ ثلاثة أشهر أو يزيد عن الإنجاز الذي حققته أمريكا من تصعيدها غير القانوني في البحر الأحمر.
تدور واشنطن في حلقة مفرغة، وتقول إنه لا حظ لسيد البيت الأبيض في معركة اليوم، وبحسب مؤشرات الأحداث المتلاحقة فإنه لا قيمة لكل ما تقوم به الولايات المتحدة دعماً للكيان الصهيوني.
وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الأمريكية تندرج ضمن مفهومي “الهيمنة” و “السيطرة” إلا أنها تضع خطوطاً حمراء حول منع حركة الملاحة وفرض هيمنتها على الممرات المائية بأي جغرافية لمسطحات الأرض المائية، كما أنها هذه المرة تصطدم بممانعة غير متوقعة وموقف لم يسبق أن استمر هكذا من قبل حتى عندما تم إغلاق باب المندب مع حرب أكتوبر ١٩٧٣م.
إن اليمن المحاصر والمنهك منذ تسعة أعوام في سياق عدوان وحصار ممنهج، قد فرض على نحو غير مسبوق معادلة جديدة في البحر الأحمر.. هذه المعادلة تقوم على مرتكز أساسي يؤكد أن صنعاء صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في هذه المعادلة، فهي من تمتلك الحق في الممر المائي، كما أن المعطيات ومؤشرات الحدث ليست في صالح واشنطن وتحالفها الهش.
والواضح أن أمريكا وضعت نفسها في مواقف محرجة كثيرة، فتصعيدها في البحر الأحمر لم يغير من المعادلة القائمة شيئاً، فالسفن والملاحة الخاصة بالكيان الغاصب معطلة في البحر الأحمر، فيما نجاح اليمن حتى الساعة قائم، حيث تؤكد تقارير وأرقام إدارة قناة السويس على استمرار حركة السفن التجارية عبر القناة المصرية، وهذا يعني مقدرة صنعاء على إدارة حركة الملاحة بشكل محترف ومميز.
هزيمة جيوسياسية
وعلى مدار ثلاثة أشهر راكمت واشنطن إخفاقات متعددة المسارات.
وبحسب موقع “ذا انترسبت” فإن الولايات المتّحدة وضعت نفسها أمام هزيمة جيوسياسية في البحار اليمنية، حيث أن مواجهاتها البحرية وقصفها الجوي للمدن اليمنية لم توقف الصواريخ من اليمن، كما لم تخفف من اضطرابات الاقتصاد العالمي، فقد اعترف بايدن بفشل سياسة الردع الأمريكية في اليمن كما فشلت من قبل على مدار تسعة أعوام، حيث بات واضحاً أن المعلومات التي روّجتها الولايات المتّحدة في أن غاراتها الجوية قد حدت من قدرات اليمن ليست صحيحة ، وأن التحالف البحري الذي حاولت الترويج له بضم 40 دولة تؤيده وعشرين دولة انضمت إليه تلاشى إلى تحالف شكلي هزيل لحوالي 6 دول فقط كانت فيه مُشاركة لوجستياً فيما بقيت الولايات المتّحدة العنصر الظاهر والمكشوف في هذا العدوان على خلاف ما كان قبل.
وبالمجمل، فالسياسة التي اعتمدها بايدن في محاولة الظهور بأنه من يحمي الملاحة والتجارة الدولية، ومن يحمي مصالح الأمن القومي الأمريكي بدت هزيلة وهشة أمام واقع إصرار الجيش اليمني على التحدي والمواجهة المستمرة بنجاح غير متوقع للعدو.
واليمن بهذا فرض حصاراً جيو سياسياً على بايدن وإدارته، فمع كل تصعيد من واشنطن لعدوانها وقصفها الجوي على اليمن فإن اضطرابات الشحن العالمية تتعاظم، مخلفة نتائج عكسية وتداعيات اقتصادية قد تقود نحو خطر اندلاع حرب اقليمية شاملة، مع استمرار التصعيد وهذا مرجح.
كلفة مادية هائلة
وإلى جانب هذا فإن حالة استنزاف تواجهها الولايات المتحدة في المياه اليمنية، حيث هناك خشية من أن يكون هذا على حساب مواجهات كبرى تحضر لها إدارة البيت الأبيض مع الصين وربما روسيا، فيما تخشى من السقوط في مستنقع البحر الأحمر مع استمرار تأثير جماعات الضغط القوية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع استمرار استهداف اليمن للسفن الصهيونية والسفن الأمريكية فإن حجم الخسائر الذي تتكتم عليه واشنطن سيزيد من الضغط على إدارة بايدن، والأكيد أن واشنطن تحاول دائماً إخفاء خسائرها، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على خسائرها من جراء الهجمات على قواعدها في العراق وسوريا، وهذا يعود إلى تخوّفها من انقلاب الداخل والشارع الأمريكي على الإدارة الأميركية.
وفي مقابل هذا هناك كلفة مادية هائلة تتكبّدها البحرية الأميركية في التصدي للصواريخ، والمسيرات.
هذه الكلفة المادية ليست الأمر الوحيد الذي تعاني منه البحرية الأميركية، إذ أنّها تواجه صعوبة في إعادة صناعة هذه الصواريخ الاعتراضية المعقدة والتي تحوي مكونات إلكترونية يجب استيرادها، مع الإشارة إلى صعوبات تواجه سلاسل توريد الالكترونيات، هذا بالإضافة إلى عمليات إعادة التذخير، ناهيك أن شركة الصناعة الدفاعية الأمريكية رايثيون تؤكد أن طاقتها لتجديد مخزون صواريخ اس إم 6 لا يتعدى 50صاروخاً في العام.
هذا ما يؤكد أن واشنطن تواجه استنزافاً لمخزونها من الأسلحة، كما ذكرت ذلك صحيفة “بوليتيكو” الأميركية غير مرة، فالجيش الأمريكي كما بات معلوماً يستخدم تلك الصواريخ باهظة الثمن لإسقاط مسيّرات رخيصة، وهذه المعادلة المرهقة للأمريكان دفعت البحرية الأمريكية إلى المطالبة بتمويلات إضافية بمليارات الدولارات…
عتمة برس|| تقاريــر ||
23 يناير 2024مـ -12 رجب 1445هـ
سؤال يدور حول فوضى السلوك الأمريكي منذ ثلاثة أشهر أو يزيد عن الإنجاز الذي حققته أمريكا من تصعيدها غير القانوني في البحر الأحمر.
تدور واشنطن في حلقة مفرغة، وتقول إنه لا حظ لسيد البيت الأبيض في معركة اليوم، وبحسب مؤشرات الأحداث المتلاحقة فإنه لا قيمة لكل ما تقوم به الولايات المتحدة دعماً للكيان الصهيوني.
وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الأمريكية تندرج ضمن مفهومي “الهيمنة” و “السيطرة” إلا أنها تضع خطوطاً حمراء حول منع حركة الملاحة وفرض هيمنتها على الممرات المائية بأي جغرافية لمسطحات الأرض المائية، كما أنها هذه المرة تصطدم بممانعة غير متوقعة وموقف لم يسبق أن استمر هكذا من قبل حتى عندما تم إغلاق باب المندب مع حرب أكتوبر ١٩٧٣م.
إن اليمن المحاصر والمنهك منذ تسعة أعوام في سياق عدوان وحصار ممنهج، قد فرض على نحو غير مسبوق معادلة جديدة في البحر الأحمر.. هذه المعادلة تقوم على مرتكز أساسي يؤكد أن صنعاء صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في هذه المعادلة، فهي من تمتلك الحق في الممر المائي، كما أن المعطيات ومؤشرات الحدث ليست في صالح واشنطن وتحالفها الهش.
والواضح أن أمريكا وضعت نفسها في مواقف محرجة كثيرة، فتصعيدها في البحر الأحمر لم يغير من المعادلة القائمة شيئاً، فالسفن والملاحة الخاصة بالكيان الغاصب معطلة في البحر الأحمر، فيما نجاح اليمن حتى الساعة قائم، حيث تؤكد تقارير وأرقام إدارة قناة السويس على استمرار حركة السفن التجارية عبر القناة المصرية، وهذا يعني مقدرة صنعاء على إدارة حركة الملاحة بشكل محترف ومميز.
هزيمة جيوسياسية
وعلى مدار ثلاثة أشهر راكمت واشنطن إخفاقات متعددة المسارات.
وبحسب موقع “ذا انترسبت” فإن الولايات المتّحدة وضعت نفسها أمام هزيمة جيوسياسية في البحار اليمنية، حيث أن مواجهاتها البحرية وقصفها الجوي للمدن اليمنية لم توقف الصواريخ من اليمن، كما لم تخفف من اضطرابات الاقتصاد العالمي، فقد اعترف بايدن بفشل سياسة الردع الأمريكية في اليمن كما فشلت من قبل على مدار تسعة أعوام، حيث بات واضحاً أن المعلومات التي روّجتها الولايات المتّحدة في أن غاراتها الجوية قد حدت من قدرات اليمن ليست صحيحة ، وأن التحالف البحري الذي حاولت الترويج له بضم 40 دولة تؤيده وعشرين دولة انضمت إليه تلاشى إلى تحالف شكلي هزيل لحوالي 6 دول فقط كانت فيه مُشاركة لوجستياً فيما بقيت الولايات المتّحدة العنصر الظاهر والمكشوف في هذا العدوان على خلاف ما كان قبل.
وبالمجمل، فالسياسة التي اعتمدها بايدن في محاولة الظهور بأنه من يحمي الملاحة والتجارة الدولية، ومن يحمي مصالح الأمن القومي الأمريكي بدت هزيلة وهشة أمام واقع إصرار الجيش اليمني على التحدي والمواجهة المستمرة بنجاح غير متوقع للعدو.
واليمن بهذا فرض حصاراً جيو سياسياً على بايدن وإدارته، فمع كل تصعيد من واشنطن لعدوانها وقصفها الجوي على اليمن فإن اضطرابات الشحن العالمية تتعاظم، مخلفة نتائج عكسية وتداعيات اقتصادية قد تقود نحو خطر اندلاع حرب اقليمية شاملة، مع استمرار التصعيد وهذا مرجح.
كلفة مادية هائلة
وإلى جانب هذا فإن حالة استنزاف تواجهها الولايات المتحدة في المياه اليمنية، حيث هناك خشية من أن يكون هذا على حساب مواجهات كبرى تحضر لها إدارة البيت الأبيض مع الصين وربما روسيا، فيما تخشى من السقوط في مستنقع البحر الأحمر مع استمرار تأثير جماعات الضغط القوية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع استمرار استهداف اليمن للسفن الصهيونية والسفن الأمريكية فإن حجم الخسائر الذي تتكتم عليه واشنطن سيزيد من الضغط على إدارة بايدن، والأكيد أن واشنطن تحاول دائماً إخفاء خسائرها، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على خسائرها من جراء الهجمات على قواعدها في العراق وسوريا، وهذا يعود إلى تخوّفها من انقلاب الداخل والشارع الأمريكي على الإدارة الأميركية.
وفي مقابل هذا هناك كلفة مادية هائلة تتكبّدها البحرية الأميركية في التصدي للصواريخ، والمسيرات.
هذه الكلفة المادية ليست الأمر الوحيد الذي تعاني منه البحرية الأميركية، إذ أنّها تواجه صعوبة في إعادة صناعة هذه الصواريخ الاعتراضية المعقدة والتي تحوي مكونات إلكترونية يجب استيرادها، مع الإشارة إلى صعوبات تواجه سلاسل توريد الالكترونيات، هذا بالإضافة إلى عمليات إعادة التذخير، ناهيك أن شركة الصناعة الدفاعية الأمريكية رايثيون تؤكد أن طاقتها لتجديد مخزون صواريخ اس إم 6 لا يتعدى 50صاروخاً في العام.
هذا ما يؤكد أن واشنطن تواجه استنزافاً لمخزونها من الأسلحة، كما ذكرت ذلك صحيفة “بوليتيكو” الأميركية غير مرة، فالجيش الأمريكي كما بات معلوماً يستخدم تلك الصواريخ باهظة الثمن لإسقاط مسيّرات رخيصة، وهذه المعادلة المرهقة للأمريكان دفعت البحرية الأمريكية إلى المطالبة بتمويلات إضافية بمليارات الدولارات…