نقاط المحاضرة الرمضانية الـ 23 لـ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي

نقاط المحاضرة الرمضانية الـ 23 لـ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي
رمضان  1445هـ 

- كان نبي الله نوح عليه السلام نعمةً من الله سبحانه وتعالى، ورحمةً عظيمةً على قومه، على المجتمع البشري في عصره، يسعى لهدايتهم، لنجاتهم، لفوزهم، لفلاحهم ولكن أكثرهم كذبوه، وعاندوه، وحاربوا رسالته بسبب ارتباطاتهم بملائهم المستكبر، المنحرف، الذي يعتمد في نفوذه على الطغيان، على الظلم

- من أهم الدروس في قصة نبي الله نوح عليه السلام: خطورة الارتباط بالمستكبرين

- الكثير من عامة الناس، هم لا يجدون تعارضاً مع رسالة الله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بواقعهم من حيث المصالح ولكن أكبر عائقٍ لهم عن الهداية، هو نفس ارتباطهم بأولئك الملأ المستكبرين، بأولئك الزعماء المستكبرين، فهم ارتبطوا في موقفهم بهم، إن آمنوا يؤمنون معهم

- الارتباط الذي فيه اتِّباعٌ أعمى، فيه عصبيةٌ على الباطل، يمثل خطورةً على الكثير من الناس، سواءً في ارتباطاتهم مع زعماء بلدانهم، زعماء دولهم، زعماء عشائرهم، زعماء مذاهبهم، كل الحالة التي يرتبط فيها الإنسان ارتباطاً أعمى، ويتعصب للباطل 

- من الدروس المهمة خطورة التمادي في الباطل:

- إصرار الإنسان على الاستمرار في الباطل، وعدم الإقلاع عنه، في الأخير يُخذل الإنسان

- وهذا ما حصل لأغلبية قوم نوح، تماديهم في الباطل، وإصرارهم على ما هم عليه، من المعاصي، والذنوب، والإجرام، والفساد، والطغيان، والظلم، في الأخير خُذِلوا، خُذِلُوا فلم يتوفقوا.

- من الدروس المهمة أن الروابط الأسرية لا تُجدي نفعاً بدون الإيمان والتقوى

- ابن نبي الله نوح، الذي لم يؤمن إيماناً صادقاً، ويتَّجه مع نبي الله الاتجاه الصادق، واعتزل عنه ليحايد وعندما خضع لتأثير قرناء السوء، وما أخطر قرناء السوء وتأثر بذلك الجو الضاغط من قوم والده، فيما هم عليه من تكذيب، واستهزاء، وسخريَّة، وضجيج، وحملات دعائية، وإرجاف، وتهويل؛ فتأثر بذلك، في الأخير لم ينفعه ارتباطه بالنسب، عندما أتى الهلاك هلك مع قومه، وخسر

- لا حياد بين الحق والباطل وبين الخير والشر لا حياد، الانحراف عن الحق هو ميلٌ إلى الباطل بشكلٍ تلقائي

- عندما يتهيأ للإنسان ظروفٌ مناسبةٌ في حياته للصلاح والاستقامة، هو في أسرةٍ مؤمنةٍ صالحة، أو في مجتمعٍ الغالب على اتجاهه هو الاتجاه في الحق، وطريق الحق، والإيمان، والتقوى، فهذه نعمةٌ عظيمة، نعمةٌ كبيرةٌ جداً

- يتهيأ للإنسان أن يتَّجه في اتجاه الصلاح والاستقامة والتقوى بسهولة أكثر من بيئة مختلفة، تُحاربه على إيمانه، تحاربه على تقواه، تحاربه على استقامته

- ينبغي أن يحرص الإنسان على اغتنام الفرص، إذا كان في مجتمع يتَّجه في طريق الحق، يتَّجه في طريق الإيمان والتقوى، فليدرك أنها نعمة، نعمةٌ كبيرة ليقدرها، وليسعَ للاستفادة من فرصٍ كهذه.

- من الدروس المهمة في قصة قوم نبي الله نوحٍ عليه السلام: أن الطغيان لا يستمر إلى ما لا نهاية:

- هم كانوا كما قال الله عنهم: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}، طغيان، ظلم، إجرام، فساد، منكر، تَنَكُّر للحق، عصيان لرسالة الله سبحانه وتعالى، وانحراف عن نهجه، وتكذيب برسالته، واستمروا على ذلك لمئات السنين، فأصبحت الحالة خطيرة يورثونها للجيل اللاحق؛ وحينها أتت العقوبة الحاسمة، العقوبة المُنَكِّلة، العقوبة الرهيبة: الطوفان العظيم المدمر المهلك. 

- فالطغيان لا يستمر إلى ما لا نهاية، تأتي العقوبة الإلهية، هذه مسألة حتمية في سنة الله سبحانه وتعالى 

- من الدروس المهمة درس النجاة:

- كانت وسيلة النجاة من عذاب الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك الهلاك، هي: الإيمان لينال الإنسان رحمة الله سبحانه وتعالى، والاتِّباع لنبي الله نوح عليه السلام، والركوب معه في السفينة، فكانت السفينة وسيلة نجاة مع الإيمان والاتِّباع لنبي الله، لم يكن هناك من طريقٍ للنجاة أخرى

- الله هو الذي يرسم لعباده طريق النجاة، النجاة من عذابه، من سخطه في الدنيا والآخرة، ولا يمكن للإنسان أن يوجد لنفسه هو ويرسم لنفسه طريقاً أخرى للنجاة، غير الطريق التي رسمها الله للنجاة

- الطريق التي يرشدنا الله إليها أنها طريق للنجاة، وأن رحمته ستنزل على من يتَّجه في تلك الطريق، هي وحدها طريق النجاة

- من الدروس المهمة خطورة الذنوب على المجتمعات:

- الذنوب هي سبب هلاك المجتمعات، وسبب شقاء المجتمعات، والأمة التي تنبذ رسالة الله، وتتنكر لتعاليم الله، تكثر فيها الجرائم، الذنوب هي جرائم، جرائم بأشكالها وأنواعها

- الجرائم خطيرة على الناس تُقلق حياتهم، والاستقامة والصلاح يساعد على استقرار حياة الناس، وصلاح حياتهم، واستقرار حياتهم.

- القصة التي تلي قصة قوم نوح هي: قصة نبي الله هود عليه السلام مع قومه:

- قوم نبي الله هود عليه السلام هم (عاد إرم)، هكذا سمَّاهم الله في القرآن الكريم، عاداً الأولى لأن هناك عاداً الأولى، وبعدها- بعد زمن آخر طويل- عاد الثانية

- فالهالكون، والذين ذكر الله قصتهم في القرآن الكريم وهلاكهم، وتجربتهم في هذه الحياة، وكيف كانت نتيجة خياراتهم، وقراراتهم، وتوجهاتهم، هم: (عاد الأولى)

- وهم أول أمةٍ قويةٍ نشأت من بعد قوم نوح، فذرية نبي الله نوح عليه السلام انتشروا، وتناسلوا، وتكاثروا، وتفرعوا في مناطق متعددة، وتفرع عنهم مجتمعات في مناطق متعددة ومتفرقة، من تلك المجتمعات التي نمت وتكاثرت واستقوت هم: (عاد)

- وكانت مساكنهم ومستقرهم في الأحقاف، والأحقاف هي: اسمٌ للكثبان الرملية المتعرجة والمستطيلة، ويقال أن مساكنهم ومناطقهم التي انتشروا فيها كانت من جهة حضرموت إلى جزءٍ من سلطنة عُمان

- عباده تنشأ في الواقع البشري أمة قوية في كل مرحلة، أو أكثر من أمة، في مجتمعات تتهيأ لها الظروف بنعمة الله عليها، وما يُمِدُهَا الله به، وما يُمَكِّنها فيه، فتتظافر فيها الجهود والأنشطة التي تساعد على ازدهار حياتهم، فيكونون في وضعية اقتصادية ضخمة، وكذلك تتحول حالتهم إلى أمة متمكنة قوية.

- يقال أيضاً أنهم العرب العاربة الأولى، يعني: الجذور الأولى للعرب في تلك المنطقة، مما منحهم الله تعالى به، وأنعم به عليهم: القوة البدنية، فكانوا متميزين عن غيرهم، فيما منحهم الله من قوة بدنية

- كان لهم بنية بدنية قوية، كانوا كباراً، جساماً، طوالاً، ذي قوة بدنية وعضلات ضخمة، أقوياء، وهذه القوة البدنية والجسدية كانت مفيدةً لهم في أنشطتهم وأعمالهم الزراعية والعمرانية، يمتلكون النشاط، الطاقة، القدرة البدنية على العمل، في مختلف مجالات العمل، عندما يتجهون للبناء فهم يعملون وهم أهل قوة بدنية، ونشاط وطاقة، في الزراعة كذلك، وفي غير ذلك، لكنهم كفروا النعمة، ولم يشكروا نعمة الله عليهم.

- منَّ الله عليهم بنعمه الواسعة: 

- هيأ لهم الزراعة: فكان لهم مزارع ضخمة، فيها مختلف الثمار والفواكه، والإنتاج الزراعي الوفير، والمحاصيل الزراعية الوفيرة.

- منَّ عليهم بالعيون: المياه المتوفرة، التي يروون بها مزارعهم، فازدهر نشاطهم الزراعي، وأصبحت لهم وفرة ضخمة من المحاصيل الزراعية المتنوعة

- نعمة الثروة الحيوانية: مع المزارع الضخمة التي كانوا يمتلكونها، ومعها العيون التي تتوفر لهم بها المياه، كان أيضاً معهم وأنعم الله عليهم بنعمة الثروة الحيوانية وهذه من أهم متطلبات حياة الناس ومعيشتهم، توفر لهم الغذاء، توفر لهم متطلبات حياتهم وقوتهم، بوفرة، بارتياح، بشكلٍ راقٍ جداً

- أمدهم الله بالثروة البشرية، فكثروا، أصبح لديهم قوة عاملة، أعداد ضخمة، يستطيعون أن يعملوا، وأن ينشطوا في مختلف المجالات، فأصبحوا أمة كثيرة العدد، وضخمة الإمكانات

- منَّ الله عليهم أيضاً ومكَّنهم من النشاط العمراني الضخم، فاتَّجهوا للبناء والعمران، وعمروا مدنهم، عمروا لهم المساكن 

- وصلوا إلى حد العبث فيما يتعلق بالعمران،  لم يكتفوا أن يبنوا لهم ما يحتاجون إلى بنائه، مساكن لاستقرار حياتهم، بل وصل بهم الحال إلى العبث والتطاول، بناء مبانٍ استعراضية؛ للتباهي، للتفاخر، للتطاول، من غير مسألة مباني السكن، مباني الاستقرار؛ إنما للعبث، والتطاول، والافتخار، وإظهار مدى إمكانياتهم وثروتهم

- امتلكوا القدرة العسكرية، كانوا أهل قوة على المستوى العسكري، يمتلكون قوة عسكرية جبَّارة، ومقاتلين أشداء، ولديهم الإمكانات العسكرية في زمنهم- وبحسب إمكانات عصرهم- التي يمتازون بها عن غيرهم، ولديهم القدرة على شن الحروب والهجمات على الآخرين، فاستغلوا تلك الإمكانات والقدرات العسكرية في البغي على غيرهم، في الظلم لبقية المجتمعات

- {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} كانوا يتباهون أنهم أصبحوا هم القوة الأولى في المجتمعات البشرية، أضخم وأقوى أمة بين بقية المجتمعات البشرية، فأصبحوا يفتخرون بذلك، يتباهون بذلك، وتكبَّروا على بقية المجتمعات، وظلموها، واضطهدوها

- مع كل ذلك انحرفوا عقائدياً، عبدوا غير الله، تنكَّروا لدين الله، كانت البشرية، وكان المجتمع البشري قد بدأ مرحلةً جديدة من بعد الطوفان العظيم، وهلاك قوم نوح

- وبدأ المجتمع البشري بدايةً جديدة، ومرحلة تاريخيةً جديدة، مبنية على الإيمان، على التوحيد لله، على الاتِّباع لرسله، والتمسك برسالته، والالتزام بتعاليمه

- ثم بدأ الانحراف من جديد، يبدأ عملياً، سلوكياً، أخلاقياً، ويتعاظم حتى يتحول إلى انحراف في العقيدة، إلى الشرك بالله، وعبادة غيره 

- أرسل الله إليهم نبيه هوداً عليه السلام، وهو منهم في النسب، ينتمي إلى تلك الأمة والارتباط الاجتماعي؛ ولهذا يسميه في القرآن: {أَخَا عَادٍ}، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}

- فبلَّغهم رسالات الله، وسعى لهدايتهم، لإنقاذهم مما قد وصلوا إليه من الانحراف، والبطر بالنعمة، والتكبر، والظلم، وارتكاب الجرائم، وانتشار الفساد، وذكَّرهم بنعم الله عليهم، وحذَّرهم وأنذرهم من العواقب الخطيرة للكفران لنعم الله

- تصدَّر الملأ منهم، الذين استكبروا: زعماؤهم، كبارهم، قادتهم، الجبابرة، العنيدون، تصدَّروا الموقف في التكذيب بالرسالة الإلهية، ومعارضة نبي الله هود عليه السلام، وتوجيه الاتهامات له، وإطلاق الدعايات عليه

- هكذا واجهوه بهذا الاتهام السخيف جداً:، قالوا: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ}، يعني: خفة عقل، وغياب للرشد، وانعدام للفهم، هم يوجِّهون إليه هذه التهمة الغريبة جداً، ويتخاطبون معه بذلك الأسلوب

- مع أنه دعاهم دعوة حقٍ واضحة، حق واضح، نورٍ واضح، هدىً واضح، والله سبحانه وتعالى يؤيِّد رسله أيضاً بالمعجزات الدالة على أنهم رسل من عند الله. 

- كان همه أن يبيِّن لهم الحق، أن يقيم عليهم الحجة، أن يوضِّح لهم الحقيقة، فنصحهم بنصحٍ وأمانة، وذكَّرهم أنه لا مبرر أبداً لتنكرهم للرسالة، واستغرابهم من أن الله أرسله إليهم؛ لأنه بشر

- طرحوا من جديد ما سبق أن طرحه الملأ من قوم نوح، قالوا: [لا يمكن أن تكون رسولاً وأنت بشر، أنت بشر مثلنا]، وأثاروا هذه العقدة، عقدة وحساسية الكبر، الكبر، كيف نتَّبع هذا، وهو ليس إلَّا بشراً مثلنا، كيف ذلك

- والشيء العجيب- كما قلنا- أنهم رضوا بالألوهية بكلها لحجر، ولم يرضوا بالنبوة لبشر، ثم ماذا؟ ثم هم يتَّبعون بشراً آخرين، هل هم في واقعهم لا يتبعون بشراً من غير اتِّباع لأحد؟ لا، هم يتَّبعون بشراً ضالين، مستكبرين، سيئين، مجرمين، بدلاً من اتِّباع البشر الأنبياء، الرسل

- أثَّرت على جماهيرهم وأغلبيتهم تلك الارتباطات بالمستكبرين الجبابرة، كان لهم قادة وزعماء جبابرة، ظلمة، متكبرين، بطَّاشين، يبطشون يرتكبون الجرائم، من أهل العناد، والشدة، والقسوة، والفضاضة، والغلظة، فلم يستجيبوا للرسالة الإلهية

- أصبحوا يطالبونه بالعذاب، كلما حذَّرهم وأنذرهم بخطورة التمادي، يطالبون: [هات العذاب، فأتِ به]، ويستعجلونه بالعذاب، {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}

- بعد إقامة الحجة، والتذكير لهم، ولزمن، عُوقِبوا أولاً بالجَدْبِ، ونَزْغِ البركات؛ عسى أن يتذكَّروا، ليكون عاملاً مساعداً على تذكُّرهم، وذكَّرهم نبي الله هود عليه السلام، ونصحهم بالرجوع إلى الله

- لكنهم استمروا على إصرارهم، وجحودهم، وعنادهم، وطال بهم الزمن وهم على ذلك، فانتهت المهلة، وأتى موعد العذاب

- أصبح من آمنوا منهم هناك، فئة قليلة مؤمنة، والبقية أصروا على ما هم عليه، وانتهى الفرز، وتمايزت الصفوف، فأتاهم العذاب، أتى موعد العذاب الإلهي، العقوبة الإلهية المدمِّرة، المهلكة

- أرسل الله عليهم الريح العقيم، ريح شديدة جداً، مدمِّرة، ليست رياح المطر، أو رياح النباتات، أو رياح الموسم، ريح عقيم، مدمِّرة، مهلكة، لتدميرهم، وإهلاكهم. 

- عندما أقبلت كانت كثيفة جداً، لدرجة أنهم تصوروا أنها السحب المحملة بالأمطار، وأنها قادمة، ففرحوا، وخرجوا لاستقبالها فرحين، مستبشرين؛ لأنهم كانوا في جدب قد أتعبهم، وأرهقهم، وأضرَّ بهم، فاستبشروا وخرجوا لاستقبال تلك التي ظنوها السحب الكثيفة المقبلة المحملة بالأمطار

- سنة من سنن الله تعالى في معاقبة القوم المجرمين، أنه في الأخير يأتيهم العذاب، لا يتركهم الله بدون عذاب، لابدَّ من العذاب، والعذاب أنواع كثيرة. 

- واستمرت الرياح عليهم لأيام، وكانت قويةً جداً ومدمِّرةً، ومهلكة، قال عنها الله: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}

- أولئك ذوو الأجساد الضخمة، البنية القوية، الذين امتلكوا القوة البدنية، والقوة العسكرية، أصبحوا صرعى، متناثرين في كل مكان، قد هلكوا بأجمعهم، وماتوا بكلهم، وهم في ضخامة أجسامهم، وقد تبعثروا وتناثروا في كل مكان، هالكين، ميتين 

- وطوى الله صفحتهم، أمةً بأكملها، بما كانت تمتلكه من إمكانات ضخمة، أمة كثيرة العدد، أمدها الله بالثروة البشرية، بالبنين، وتكاثرت، كان لهم نشاطهم الزراعي، عمرانهم، مدنهم، قوتهم العسكرية، نشاطهم على الأرض، كانوا فيما هم فيه من بغي، وتجبر، وهجوم على بقية المجتمعات، واضطهاد لها، والبطش بجبروت، كل ذلك انتهى

- طوت صفحتهم تلك الرياح في غضون أسبوع، ثمانية أيام، كان غضب الله عليهم شديداً؛ لأنه أنعم عليهم، مكَّنهم بالنعم العظيم الوافر، لكنهم كفروا نعمته، وكذَّبوا برسالته، وتنكَّروا لتعاليمه، لعنهم الله، وطردهم من رحمته، وأصبح مصيرهم إلى النار، وخسروا كل شيء، لم يكن هناك من يأسف عليهم، أو يحزن لمصيرهم، بعداً لهم، وهلاكاً لهم
 

- نجا الله نبيه هوداً والذين آمنوا معه، نجاهم من الهلاك، وذهبوا قبل أن يبدأ الهلاك، وتبين وتجلى من هو الخاسر؟ كانوا يقولون: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ}، فكان الخاسرون هم من ارتبطوا بأولئك الجبابرة، {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} وخسروا كل شيء في الدنيا، وفي مستقبلهم في الآخرة، وأصبحوا درساً لغيرهم من الأمم والأقوام والمجتمعات، وعبرةً لهم.
 
#ويزكيهم