الحوثيون: قوة لا يمكن قهرها من الخارج‎

"الحوثيون" قوة لا يمكن قهرها من الخارج‎



فشل التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة في تحقيق النصر على الحوثيين في اليمن من خلال الحملة الجوية ‏المستمرة. الحوثيون، بدعم إيراني، قد أظهروا قدرة فائقة على الصمود وتحمل الهجمات، مما يعزز موقفهم كقوة ‏لا يُستهان بها في المنطقة‎.
ورغم جهود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، فإن الحوثيين يواصلون شن هجمات مؤثرة ضد «‏إسرائيل» والسفن التجارية في البحر الأحمر. فقد تصاعدت وتيرة الهجمات في حزيران/ يونيو الماضي، مسجلة أكبر عدد من ‏الهجمات منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وفي تموز/ يوليو، نجح الحوثيون في ضرب «تل أبيب» بطائرة بدون طيار، ما أدى إلى ‏سقوط قتلى وجرحى، وهو ما يعكس قوة وإصرار الحوثيين على مواصلة هجماتهم‎.
واستفاد الحوثيون بشكل كبير من هذه الهجمات لتعزيز شرعيتهم ومكانتهم الإقليمية. من خلال دعمهم للقضية ‏الفلسطينية وتصوير أنفسهم كمدافعين شجعان عن الفلسطينيين، نجح الحوثيون في كسب تأييد واسع داخل اليمن وفي ‏المنطقة الأوسع، مما يزيد تعقيد مهمة التحالف الغربي‎.
ويستخدم الحوثيون الحرب الإعلامية بفاعلية كبيرة لتعزيز موقفهم وإضعاف الروح المعنوية لأعدائهم. من خلال ‏تصوير أنفسهم كأبطال يقفون في وجه الإمبريالية الغربية، تمكن الحوثيون من كسب دعم شعبي واسع وزيادة ‏شرعيتهم‎.
ويواجه التحالف الغربي تحديات كبيرة، خاصة مع قدرة الحوثيين على تحمل القصف الجوي وتجديد قدراتهم ‏العسكرية عبر تهريب الأسلحة من إيران. كما يستفيد الحوثيون من التضاريس الوعرة في اليمن لنقل وإخفاء ‏أصولهم العسكرية، مما يصعب مهمة التحالف في تدمير هذه الأصول، وحتى لو أسقط التحالف الذي ترعاه ‏الولايات المتحدة القنابل في جميع أنحاء أراضي الحوثيين، فإن مثل هذا الهجوم لن يقلل قدراتهم العسكرية إلى ‏الحد الذي لا تستطيع معه المجموعة شن هجماتها الخاصة‎.
نجح الحوثيون في تحويل حربهم إلى حرب نفسية ضد الغرب والولايات المتحدة. من خلال الصمود أمام القصف ‏المكثف واستمرارهم في شن هجمات مؤثرة، يظهر الحوثيون كقوة لا يمكن قهرها بسهولة. هذا الصمود يعزز ‏مكانتهم في المنطقة ويزيد التحديات التي يواجهها التحالف الغربي‎.
إن أفضل فرصة للولايات المتحدة لردع هجمات الحوثيين هي إيجاد السبل اللازمة لإدارة حملة إعلامية خاصة بها ‏لمواجهة رسائل الحوثيين، وما دام الحوثيون يعتقدون أنهم يربحون حرب المعلومات، فمن المرجح أن يستمروا في ‏هجماتهم‎.
إن تحييد الدعاية الحوثية هو أفضل وسيلة لردع هجمات الجماعة. والطريقة الأكثر مباشرة لإضعاف رسالتهم هي ‏التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام في غزة‎.
يمكن أن تكون الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي فعّالة في إظهار الضرر الذي تسببه هجمات الحوثيين ‏وتسليط الضوء على الوضع الداخلي في مناطقهم، وإظهار أن الجماعة لا تساعد الناس، بل تؤذيهم. وإبراز ‏صور مجموعة حاملة الطائرات «آيزنهاور» وهي تأتي لمساعدة طاقم السفينة «تيودور» متعددة الجنسيات التي أغرقها ‏الحوثيون، كيف يستهدف الحوثيون ليس فقط السفن التجارية ولكن أيضاً الأشخاص العاديين من جميع أنحاء العالم ‏الذين يعملون عليها، وذلك بهدف تشويههم‎.
ومن خلال دحض الرسائل التي يرسلها الحوثيون ومناصروهم، بما في ذلك روسيا والصين، يمكن لمثل هذه ‏المنشورات أن تلعب دوراً مهماً في مواجهة المعلومات المضللة‎.
ويمكن أيضاً استخدام الرسائل الأمريكية لنقل رسالة عن كيف اعتقل الحوثيون موظفي الأمم المتحدة والمنظمات ‏غير الحكومية في حزيران/ يونيو، وفي هذه العملية جعلوا الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للعديد من الأسر اليمنية التي ‏تعتمد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة‎.
وإضافة إلى ذلك، يمكن توظيف كيف أدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية إلى ارتفاع تكلفة الشحن، مما ‏يجعل السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود أكثر تكلفة بالنسبة لليمنيين، لتأجيج الحاضنة الشعبية في مناطق سيطرتهم ‏ضدهم‎.

‌‎الكسندرا ستارك مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية‎

اليمن بالحبر الغربي -