القوات المسلحة اليمنية خلال عام من طوفان الأقصى.. السند العابر للحدود -

القوات المسلحة اليمنية خلال عام من طوفان الأقصى.. السند العابر للحدود -




شكلت معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023م منعطفاً رهيباً في تاريخ المنطقة، وجاءت أحداثها وما تلاها من تداعيات لتؤسس لمرحلة جديدة غير مسبوقة في تاريخ الصراع مع الكيان المؤقت.
في العقود الماضية، كان المجاهد الفلسطيني يلجأ إلى الحجارة كسبيل أوحد لإيقاف جرائم العدو وغطرسته، وحين يتم البطش والتنكيل بالشعب الفلسطيني من قبل الجنود الصهاينة تتسابق قنوات التلفزة العربية لبث الأناشيد البكائية والمحزنة لمآلات الواقع الفلسطيني العاجز عن المواجهة، وفي أسوأ الحالات تلجأ جامعة الدول العربية لعقد قمة يحضرها الزعماء وأصحاب الفخامة والجلالة لإصدار بيانات إدانة واستنكار وشجب هزيل عن تلك الوقائع.. لكن الحال بعد طوفان الأقصى تغير تماماً، فالزعيم والقائد العربي تجاوز مرحلة الصمت والتنديد إلى الدعم والمساندة للكيان الغاصب، وشعوب هؤلاء ظلت منشغلة في حضور حفلات اللهو والمجون ومسابقة الكلاب والقطط.
حالة الخذلان العربي، انعكست على الواقع الفلسطيني، وفصائل المقاومة في غزة، وظهر المتحدث العسكري باسم كتائب حركة حماس أبو عبيدة في خطاب له بعد أيام من طوفان الأقصى والمجازر الصهيونية الفظيعة، ليطلق عبارته الشهيرة على الأنظمة العربية: “لا سمح الله” في دلالة على مدى اليأس من تقديم أي دعم عربي لفلسطين وغزة في هذه المحنة العصيبة غير المسبوقة في التاريخ.
أنتم لستم وحدكم
وفي ظل هذا الواقع كان لليمن بقيادة السيد القائد المجاهد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-كلمته المفاجئة لجميع شعوب العالم، حيث خرج في خطاب يوم الحادي عشر من أكتوبر 2023م، ليحدد طبيعة الموقف اليمني من هذه المعركة، مؤكداً أن الموقف والواجب الشرعي والإنساني والقومي والديني على الأمة الإسلامية بشكل عام، وفي المقدمة العرب أن يساندوا الشعب الفلسطيني، وأن يساندوا المجاهدين في فلسطين، وأن يقفوا إلى جانبهم، ويقدمون لهم كل أشكال الدعم والمساندة، على المستوى السياسي، والإعلامي، والمادي، وحتى على المستوى العسكري.
وتمنى السيد القائد في ذلك الخطاب لو أن اليمن بلد مجاور لفلسطين “لبادر شعبنا بمئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة المباشرة مع الشعب الفلسطيني، وهو حاضرٌ لأن يتحرك بمئات الآلاف من المجاهدين، وأن يذهب إلى فلسطين، ويلتحق بالشعب الفلسطيني؛ لخوض هذا الجهاد المقدَّس في مواجهة العدو الصهيوني، نحن بحاجة إلى طريق، شعبنا مستعد أن يفوِّج مئات الآلاف من المجاهدين للذهاب إلى فلسطين، لدينا مشكلة في الجغرافية، و مشكلة في أن يتحرك أعداد كبيرة من أبناء شعبنا للوصول إلى هناك، ولكن مهما كانت العوائق، لن نتردد في فعل كل ما نستطيع، أن نفعل كل الممكن، كل ما بأيدينا أن نفعله”، مطلقاً عبارته الشهيرة :”لستم وحدكم، فالشعب اليمني معكم”.
كان الحديث عن الجغرافيا وبعد المسافات بين اليمن وفلسطين المحتلة مفهوماً للجميع، لكن حديث السيد القائد عن فعل كل ما نستطيع كان محل علامات استفهام عريضة، ولا سيما عندما واصل حديثه بالقول:” إذا تدخَّل الأمريكي بشكل مباشر، بشكلٍ عسكري من جانبه، هو الآن يقدم الدعم للعدو الإسرائيلي، إذا تدخَّل بشكلٍ مباشر، نحن مستعدون للمشاركة، حتى على مستوى القصف الصاروخي، والمسيَّرات، والخيارات العسكرية بكل ما نستطيع”
مضت أسابيع قليلة استغلها عملاء العدوان السعودي الإماراتي للسخرية والاستهزاء بخطاب السيد القائد، وكيف يمكن لليمن أن يساند غزة، وهو مكلوم، وجريح، بفعل تسع سنوات من الحرب الأمريكية السعودية الغادرة عليه، لكن الخبر كان كالصاعقة على الجميع عندما تم الإعلان عن وصول صواريخ يمنية إلى مدينة “أم الرشراش” المحتلة، وطائرات مسيرة، ثم ظهور العميد يحيى سريع في 31 أكتوبر تشرين الأول ليعلن رسمياً دخول اليمن إلى المعركة، مؤكداً على مصداقية السيد القائد في مساندة المظلومين في غزة، ومحاولة التغلب على كسر القيود الجغرافية والوصول إلى عمق كيان العدو.
الاستيلاء على جلاكسي ليدر
ظل خيار استهداف عمق الكيان الصهيوني بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة قائماً لدى القوات المسلحة اليمنية، لكن الإشكالية الأبرز كانت تتمثل في البعد الجغرافي، ونصب دفاعات جوية متعددة للأعداء في مصر والأردن، والسعودية، والبحر الأحمر، إضافة إلى الطبقات الدفاعية المتعددة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما عقّد المسألة أكثر، ودفع القوات المسلحة للبحث عن خيارات أخرى، تكون أكثر كلفة وإيلاماً على العدو.
انتقلت القوات المسلحة اليمنية إلى فتح جبهة جديدة على العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، هدفها الأساسي هو منع مرور السفن الإسرائيلية من في البحر الأحمر، لكن هذا القرار قابلته “إسرائيل” باستخفاف، فجاءت الصفعة اليمانية من خلال الاستيلاء على سفينة جلاكسي في التاسع من نوفمبر تشرين الثاني 2023 التابعة لأحد رجال الأعمال الصهاينة،